بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:

• الابتكار المالي الإسلامي مؤداه منافع إضافية وجديدة، وهذا كفيل بإقناع من ذكرت فالربح مقنع لمن غابت عنه البصيرة.

• والبصيرة في فهم قول الله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (البقرة: ٢٧٦)، والله لا يخلف وعده: وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (الروم: ٦).

• كنت ذات مرة منذ أكثر من ١٠ سنوات في زيارة صديق كان يعدُّ رسالته في الماجستير وكنت مشرفه، وهو صناعي ومن عائلة صناعية وتجارية دمشقية عريقة واستثماراتها في أكثر من بلد. وكان يتحرق لتصحيح معاملات المصارف الإسلامية ويرى فيها نقصا وأحيانا أكثر من ذلك؛ فسألني السؤال نفسه، فقلت له: الإسلام قائم بكيان وبدون كيان ومثاله المجتمع المكي، ودولة المدينة المنورة، وعليه فالتمويل الإسلامي قائم بكيان وبدون كيان, لذلك شكّلوا بين شركاتكم العائلية صندوق مرابحة أو مشاركة أو ما شئتم، وضعوا له ضوابطه في نسب الربح ونسب السحب وما إلى ذلك، وليكن هو مصرفكم الإسلامي الخاص. وفعلا كان يستشيرني بمحاسبة ذلك الصندوق وإدارته وما شابهه.

• زرته بعد فترة لا بأس بها، فإذا به يقول: صندوق المرابحة الذي نصحتنا به يحقق سنويا ٢٠-٣٠٪، والتمويل لم يعد مشكلة في شركاتنا، أي أن هذه المجموعة زادت استثماراتها استثمارا جديدا وحققت منافع إضافية.

• ولو توجهنا بعيدا، فإني لطالما قلت أن على الشركات القوية إنشاء مؤسسات مالية تخصها، حتى قرأت عن آبل أنها تملك (١٠٠) مليار دولار سيولة تضعها جانبا، ومنذ أشهر سمعنا عن إطلاق آبل لمحفظتها التي تمنح خدمات الدفع والقبض وكذلك التمويل حتى ٢٥٠ ألف دولار. وفي بعض البلدان هناك شركات تمويل تخص مرسيدس وغيرها وتعمل باسمها التجاري.

• هذه الشركات الإنتاجية هي أساس فكرة الصيرفة الإسلامية فالمنتج يحقق إيرادات من إنتاجه وبجمع مدخراته يكون ممولا والعكس صحيح لكنه أقل جدارة مالية وتشغيلية. فإيرادات آبل متنوعة بما فيها إيراداتها من خدماتها التمويلية، لذلك لا تهزها الهزات، ولا تزعجها ما يزعج غيرها.

• هذه نصيحتي عن تجربة حقيقية وهي ناجحة وصامتة ولا يدري بها إلا أصحابها. وليس شرطا أن نتبع بنية المصارف التقليدية وهياكلها،

• عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان يَقولُ: اغْدُ عالِمًا، أو مُتعلِّمًا، ولا تَغْدُ إمَّعةً فيما بيْنَ ذلك.

مجلة الاقتصاد الإسلامي