الحمدُ لله ربّ العالمين وأفضلُ الصّلاة وأتمّ التسليم على سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

• ثبت كون صلاة التراويح سنة في جماعة بفعل النبي صلى الله عليه و سلم فقد روى الشيخان: " أنه صلى الله عليه و سلم خرج من جوف الليل ليالي من رمضان وهي ثلاث متفرقة : ليلة الثالث والخامس والسابع والعشرين وصلى في المسجد وصلى الناس بصلاته فيها كان يصلي بهم ثمان ركعات ويكملون باقيها في بيوتهم فكان يسمع له أزيز كأزيز النحل"..

• ومن هذا يتبين أن النبي صلى الله عليه و سلم سن لهم التراويح والجماعة فيها ..ولكنه لم يصل بهم عشرين ركعة كما جرى عليه العمل من عهد الصحابة ومن بعدهم إلى الآن ولم يخرج إليهم بعد ذلك خشية أن تفرض عليهم كما صرح به في بعض الروايات.. ويتبين أيضا أن عددها ليس مقصورا على الركعات الثمانية التي صلاها بهم بدليل أنهم كانوا يكملونها في بيوتهم...

• وقد بين فعل عمر رضي الله عنه أن عددها عشرون حيث إنه جمع الناس أخيرا على هذا العدد في المسجد ووافقه الصحابة على ذلك ولم يوجد لهم مخالف ممن بعدهم من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " رواه أبو داود ..

• وقد سئل أبو حنيفة رحمه الله عما فعله عمر رضي الله عنهما فقال: التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم..(راجع الفقه على المذاهب الأربعة)

• ونقول: جمع عمر رضي الله عنه الناس في صلاة التراويح على عشرين ركعة وعدم مخالفة أحد من الصحابة فيه دلالة واضحة أن الصحابة كانوا يرون أن العشرين ركعة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وقع إجماعهم عليها...

• وهذا ما سارت عليه المذاهب الأربعة والأمة..

• وأما ما نقل عن الإمام مالك بأنها 36 ركعة هي زيادة من عمل أهل المدينة التي زيدت في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه للحاق بثواب أهل مكة الذين كانوا يطوفون بين كل ترويحة...

• وخالف البعض كابن الهمام من الحنفية فقال بأن أقل التراويح ثماني ركعات والمستحب عشرون..

• وقد اكتفى كثير من المساجد في زماننا بالثمانية ظنا منهم التخفيف عن الناس....وهم بذلك أصابوا سنة القيام في رمضان..ولكنهم لم يقوموا بصلاة التراويح الكاملة الذي ورد الحديث بمغفرة ما تقدم من ذنب قائمها...والذي نصه( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )رواه البخاري (37) ، ومسلم (759)..

• والله تعالى أعلم.

الأستاذ: عبد الناصر أحمد حدارة